ما هو التسويق بالمحتوى ؟ وما هي أنواعه وفروعه؟ وكيفية الاستفادة من التسويق بالمحتوى ؟
شرح من الصفر للمبتدئين، شرح مفصل مع أمثلة لفهم أفضل وأوسع لهذه الاستراتيجية التسويقية القادرة على تحقيق أهداف تسويقية رائعة بأقل التكاليف
التسويق بالمحتوى هو إنشاء ونشر محتوى مرئي أو مسموع تقدم من خلاله معلومات مفيدة لمن هم مهتمين بمجالك، وذلك لتحقيق أهداف تسويقية طويلة الأمد.
أما التسويق من خلال المحتوى أو المحتوى التسويقي فيمكنك الاطلاع على تقنياته وأسراره من خلال المقالة التالية: المحتوى التسويقي أفكار ونصائح وأسرار للإقناع والإبهار
لفهم أفضل لهذه الاستراتيجية سنتطرق لأول من اعتمد على التسويق بالمحتوى لتقوية علامته التجارية وزيادة حصصه السوقية بأفضل طريقة ممكنة. فنهاية القرن 19، قررت شركة أمريكية مختصة في صناعة وبيع الجرارات الفلاحية، إنشاء مجلة ليست من أجل التعريف والترويج لمنتجات وخدمات الشركة، بل لتقديم نصائح ومعلومات مفيدة للفلاحين. معلومات مفيدة سواء لزيادة الإنتاجية أو لتقليص التكاليف الزراعية، بل كذلك معلومات تقنية وأخرى مالية موجهة للفلاحين.
بهذه الطريقة تمكنت الشركة من التقرب بشكل أسرع من عملاء محتملين لمنتجاتها، وتقوية علاقتها مع عملائها الحاليين وضمان ولائهم لمنتجات الشركة. فمن جهة تقديم معلومات قيمة ومفيدة يحسن من صورة الشركة بل يقدمها كخبير موثوق يمكن الاعتماد عليه، ومن جهة أخرى النشر المستمر يبقيها دوما أقرب لمن هم مهتمين بمجال عملها.
أما الآن ومع التطور التكنولوجي فأنت لست بحاجة للاستثمار في مجلة أو برامج إذاعية أو تلفزية، بل من خلال الأنترنت يمكنك إنشاء محتوى غير محدود بالعديد من الطرق وأقل الإمكانيات.
يمكنك تقديم معلومات جديدة ومفيدة لجمهورك، تقديم نصائح قيّمة أو أفكار مبتكرة سيجعلك تنال ثقتهم مما يسهل عليك مهمة إقناعهم سواء بخدماتك أو منتجاتك.
لكن مع التركيز دوما على محتوى يقدم الإضافة لجمهورك، وليس الاقتصار على محتوى يخص منتجاتك أو شركتك.
أمثلة على التسويق بالمحتوى
من خلال الفيديو التالي، نستعرض عليكم بعض الأمثلة الجميلة والاحترافية في التسويق بالمحتوى. من جهة لفهم أكثر لهذه الاستراتيجية التسويقية، ومن جهة أخرى لكسب أفكار جديدة وإبداعية تمكنك من تطبيق التسويق بالمحتوى بأفضل الصيغ.
أنواع المحتوى
محتوى مكتوب: يمكنك كتابة مقالات مطولة لشرح فكرة أو لتقديم نصائح أو لتقديم أفكار وحلول لمشكلات تخص مجال عملك، أو يمكنك الاقتصار على نصوص قصيرة لإيصال أفكارك بطريقة مختصرة ومركزة.
الصور: يمكنك نشر صور تلتقطها بهاتفك أو صور مرسومة، صور للشرح للتوعية للتدريب على كيفية استخدام المنتج. يمكنك نشر إحصائيات أو رسوم بيانية على شكل صور، فهي طريقة ممتازلة لإيصال المعلومات بطرق سلسة وبسيطة.
الفيديوهات: أمامك الكثير من الخيارات لإنشاء فيديوهات تثري بها محتواك التسويقي، يمكنك تصوير فيديوهات شخصية في مكتبك أو محلك، يمكنك نشر مقابلات مع زبنائك أو مورديك أو حتى عمالك. يمكنك كذلك نشر كواليس عملك وخطوطك الإنتاجية. فقط عليك الحرص على تقديم الإضافة والمعلومة المفيدة للمشاهد عوض عمل دعاية لمنتجاتك.
محتوى مسموع: من الطرق الرائعة والجديدة نوعا ما للتواصل مع جمهورك هي البودكاست، فهناك منصات مخصصة لهذا النوع من المحتوى، وتتيح ميزة فريدة وهي إمكانية الانصات للمحتوى في أي وقت أو ظرف. جمهورك يمكنه سماع ومتابعة أفكارك حتى عند قيادته لسيارته.
- كتب إلكترونية
- دراسات الحالة
- المراجعات والاستعراضات
- منشورات المؤثرين
- دليل استعمال المنتج
- الميمز
- اختبارات
- استطلاع للرأي
يمكنك استخدام جميع أنواع المحتوى ولكن يستحسن التركيز أكثر على المحتوى الملائم لجمهورك والمناسب للمنصة المفضلة له.
القنوات المتاحة
- المدونات: واحدة من أفضل الطرق لنشر المحتوى من جهة وتحقيق أهداف تسويقية إضافية من جهة أخرى. فمدونتك تتيح لك نشر مقالاتك بدون تقييدات وكذلك التفاعل مع تعليقات جمهورك. ناهيك عن كون المدونة تتيح لك إمكانية جمع معلومات أكثر حول متابعيك.
- مواقع التواصل الاجتماعي: من أهم القنوات الفعالة في التسويق بالمحتوى والتي تبقيك قريبا من جمهورك ولى اتصال دائم معه هي مواقع التواصل الاجتماعي، سواء فيسبوك، تويتر إنستغرام وغيرها. فهي تمكنك من نشر المحتوى والتفاعل مع المتابعين وجذب المزيد من الجمهور والوصول لعدد أكبر من المتابعين مجانا.
- منصات الفيديو: يمكن استخدام منصات مثل يوتيوب وفيميو وغيرها لنشر مقاطع الفيديو والتفاعل مع المشاهدين.
- البريد الإلكتروني: يمكن استخدام البريد الإلكتروني في التسويق بالمحتوى من خلال إرسال مقتطفات من مقالاتك أو فيديوهاتك لدفع الجمهور لمشاهدة المزيد
- المنصات التدريبية: يمكنك عرض دورات التدريبية على منصات التدريب كيوديمي
- منصات الموسيقى والبودكاست
- الجرائد والمجلات الورقية
طبعا يمكنك استخدام جميع هذه القنوات أو واحدة دون الأخرى، حسب إمكانياتك ونوعية منتجك. لكن النقطة الأكثر أهمية هي نوعية جمهورك والقناة المناسبة أكثر له، فيستحسن التركيز أكثر على القنوات التي تستخدمها الفئات المهتمة بمجال عملك.
فوائد التسويق بالمحتوى
ميزانية صغيرة: يمكنك البدء كذلك بدون ميزانية، فنشر محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي لن يكلفك أي سنت، والنشر المستمر لمحتوى مفيد وجذاب سيمكنك من بناء جمهور حقيقي وكسب الآلاف من المتابعين. أما بالنسبة للشركات الكبرى فيمكنها اعتماد ميزانيات أكبر للوصول جمهور أوسع، وتحقيق نتائج أسرع. كذلك إنتاج محتوى بجودة عالية يلزمه استثمار أكبر.
حضور أقوى على الأنترنت: النشر المستمر على مدونتك لمواضيع تجذب اهتمام القارئ ستعزز من حظوظك للظهور في أولى نتائج محركات البحث، كذلك النشر المستمر على منصات التواصل الاجتماعي وتفاعل متابعيك مع محتواك يدفع خوارزميات هذه المنصات للوثوق في منشوراتك وبالتالي إيصالها لمشاهدين أكبر.
زيادة مستمرة للمتابعين: حضور أقوى على الأنترنت يعني الوصول دوما لمتابعين جدد حتى دون صرف أي مبالغ في الإعلانات أو العمليات التسويقية الأخرى. من جهة أخرى فغالبية هؤلاء المتابعين مهتمين بمجال عملك مما يسهل تحويلهم لعملاء محتملين لمنتجاتك.
زيادة المصداقية: نشر محتوى جيد يقدم الفائدة للقارئ، محتوى يقدم حلول قيّمة ومبتكرة للمتابع، محتوى يقدم معلومات حصرية ومميزة. كلها نقاط تُظهِرك كخبير في مجالك مما يمنحك ثقة متابعيك ويزيد من مصداقية علامتك التجارية، منتجاتك وكذلك إعلاناتك.
أهداف التسويق بالمحتوى
ضمان ولاء العملاء الحاليين: إنشاء ونشر محتوى مميز بشكل دوري ومستمر يبقي عملائك على اتصال دائم بعلامتك التجارية، ويقوي حضور هذه الأخيرة في ذهنهم. ومن جانب آخر فالمحتوى كلما كان بجودة عالية ومميزة سيُظهِرك بمظهر الخبير الموثوق به، مما يضمن ولاء عملائك لمنتجاتك.
تقوية العلامة التجارية: الحضور الوازن على الأنترنت ومختلف منصات التواصل الاجتماعي، النشر المستمر لمحتوى مفيد لمتابعيك وتفاعلهم إيجابا مع منشوراتك، كلها نقاط تقوي هويتك التجارية. ونتائجها تفوق بكثير المجهودات التسويقية الأخرى كالإعلانات…
كسب عملاء جدد بأقل التكاليف: كما أشرنا سابقا فالتسويق بالمحتوى لا يلزمه تخصيص ميزانيات ضخمة لإنجاحه، بقدر ما يلزمه من إبداع وبحث مستمر لتقديم محتوى بجودة عالية ينال إعجاب متابعيك. القيام بهذه العمليات بالطريقة الصحيحة، سيوصلك لمتابعين جدد وبالتالي عملاء جدد وحصص سوقية أكبر.
زيادة فعالية عمليات البيع: كسب المصداقية من خلال التسويق بالمحتوى أو الظهور كخبير في مجالك، يسهل عمليات البيع وإقناع العملاء بالوثوق في منتجاتك. مما يسهل عمليات البيع ويساهم في فعاليتها وزيادة نسبها.
خطة التسويق بالمحتوى
يعد الابتكار والتفكير الغير تقليدي أمرًا ضروريًا لإنشاء محتوى جيد يمكنك من إنجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى، ولكن ليس هناك حاجة لإعادة اختراع العجلة في كل مرة خصوصا في البدايات. إليك أهم الركائز لإنشاء استراتيجية تسويق بالمحتوى ناجحة وملائمة لإمكانياتك.
- تحديد الهدف من التسويق بالمحتوى: هذه النقطة هي الأساسية والحاسمة في ما تبقى من التخطيط للتسويق بالمحتوى. فتحديد الهدف بدقة سيسهل من مهمة تحقيق هذه الأهداف/الهدف، كذلك سيمكنك من اختيار الإمكانيات الأنجع للوصول لمبتغاك بأقل تكلفة.
- فهم الجمهور المستهدف: من خلال تحديد الهدف من استراتيجية التسويق بالمحتوى، ستتضح لك الفئة المستهدفة. لكن لنجاعة أكبر لمجهوداتك التسويقية عليك التعرف أكثر على جمهورك المستهدف، فهم حاجياته متطلباته وانتظاراته منك ومن المحتوى الذي ستقدمه له.
فهذه النقطة حساسة جدا، لأن إنشاء محتوى جيد لكن لا يتوافق مع الجمهور المستهدف سيجعل مجهوداتك بدون فائدة، وستتحصل على نتائج غير مرضية.
لذلك عليك أن تولي هذه النقطة الكثير من الاهتمام، وفي حالة نقص المعلومات يستحسن استفسار جمهورك من خلال استطلاعات للرأي. حتى تتمكن من فهمه وإنجاح ما تبقى من الخطة التسويقية والحصول على نتائج مرضية. - وضع مؤشرات الأداء: كي تتمكن من تقييم خطة عملك عليك وضع مؤشرات مسبقة تمنحك رؤية شاملة لما حققته، وتُظهِر لك نقاط القوة ومكامن الضعف في عملك. فبهذه الطريقة يمكنك تحسين وتصحيح أخطائك ولما لا تحويلها لنقاط قوة تزيد من فعالية استراتيجيتك.
مؤشرات الأداء لا يمكن حصرها، فهي متعددة وتختلف من قناة لأخرى. لكن أهم مؤشرات الأداء التي يمكنك الاعتماد عليها لتحليل أولي: - نوعية المحتوى الذي يلقى تفاعلا أكبر على منصات التواصل الاجتماعي (تدوينات، صور، فيديوهات…)
- الوقت الذي يقضيه الزائر خلال قراءته لمقالاتك
- نسبة التفاعل مقارنة بتوقيت النشر على المنصات الاجتماعية
- متوسط مدة مشاهدة فيديوهاتك على منصات الفيديو
- نتائج موقعك على محركات البحث
- نسبة الالتزام بالنشر مع ما هو مخطط مسبقا
- تحليل المحتوى الحالي: نقطة مهمة ومفيدة جدا لتخطيط ناجح لاستراتيجية التسويق بالمحتوى هي تحليل محتواك الحالي. مهمة سهلة وبسيطة لكن آثارها قوية وتختصر عليك الكثير من الوقت لتحقيق أهدافك. يمكنك تحليل محتواك فقط من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
- ما هي نوعية المحتوى التي قمت بنشرها مسبقا؟ وما هي النوعية التي تلقى تفاعلا أكبر؟
- ما هي المنصات التي يتلقى فيها محتواك تفاعلا أكبر؟
- ما هي المنصات التي توصل منشوراتك لجمهور أوسع ؟
- ما هو المحتوى الملائم أكثر لهذه المنصات ؟
- تكلفة إنشاء تدوينة، مقالة، صورة، فيديو؟
عليك الاهتمام بهذه الأسئلة والإجابة عليها بأرقام مضبوطة، فهذه الإجابات ستوسع نظرتك وتختصر مجهوداتك لتوظيفها فيما هو أنجع.
- توجيه المحتوى: التسويق بالمحتوى يرتكز بالأساس على تقديم الإضافة للجمهور المستهدف، والإضافة ليست بالكم بل بجودة ما تقدمه من معلومات. لذلك عليك البحث على أسئلة واستفسارات الجمهور، لفهم ما ينتظره منك من خلال متابعته لك. من تم عليك توجيه خطة نشرك لإنتاج محتوى يجيب الجمهور على أسئلته ويقدم حلول لاستفساراته. بالتالي تضمن من جهة استمرار اهتمامه بمحتواك ومن جهة أخرى تقوي مصداقيتك وصورتك كخبير في مجالك.
- اختيار قنوات النشر: ظاهريا هذه النقطة بسيطة لكنها رئيسية لإنجاح خطتك؛ فمن جهة عليك البحث على القنوات المستعملة من طرف جمهورك المستهدف، للتقرب أكثر منه ولإنشاء محتوى ملائم لهذه القنوات. ومن جهة أخرى فعليك البحث أيضا على قنوات ملائمة لقيمة محتواك، أو القنوات التي تمنحه قيمة أكبر وأفضل، خصوصا إن تعلق الأمر ببعض المجالات الحساسة أو الراقية.
- جدولة المحتوى: بعد انتهائك من كل ما سبق، عليك الآن وضع جدول زمني محدد لمنشوراتك المستقبلية (نوع المحتوى، ساعة النشر، قناة النشر، المسؤول عن النشر، تاريخ إنشاء المحتوى). عليك أن تضع في حسبانك أن هذه الجدولة لن تكون ثابتة، لأنه عليك تعديلها وفقا لنتائج مؤشرات الأداء لتحسين أدائك بشكل مستمر ودائم.
سمات المحتوى الناجح
التخطيط للمحتوى وللاستراتيجية المتبعة مهم جدا لنجاح التسويق بالمحتوى، لكن التنفيذ بشكل غير احترافي سيُفشِل العملية برمتها. فالأساس في هذه العملية هو المحتوى “المحتوى هو الملك”، لذلك من المهم جدا الحرص على إنتاج محتوى يلبي ما تصبو إليه من خلال تسويقك بالمحتوى. إليك أهم الخصائص التي تضمن لك إنشاء ونشر المحتوى وفقا للطرق الصحيحة.
- التحدي الأول أمام منشوراتك ومحتواك هو إثارة انتباه الزائر، فهذا الأخير أمامه العديد من المحتويات الجيدة والجميلة والمميزة. فأمامك أجزاء من الثانية لإثارة انتباهه لينخرط في مشاهدة محتواك أو لتخطيه والمرور لمحتوى آخر. لذلك فأنت مجبر على تقديم محتوى جذاب بصريا لشد انتباهه، وتقديم معلومات جديدة وقيّمة تقدم له الإضافة حتى تتمكن من شده لإتمام قراءة مقالتك أو لإتمام مشاهدة ما تقدمه من فيديوهات أو بودكاست. مع الوقت إن أحسنت تطبيق هذه النقاط ستكتسب جمهورا وفيا لمحتواك بل هو من سيبحث عن جديدك.
- من الجيد نشر محتوى له صلة بالتريند (المحتوى الشائع) وذلك لتحقيق تفاعل أكبر والوصول لجمهور أوسع. لكن عليك الحرص على تقديم محتوى له علاقة مجال عملك، محتوى يبقي علامتك التجارية في ذهن الجمهور موصولة بمجال عملك ومنتجاتك. فمثلا لو أنت علامة تجارية تبيع منتجات تجميلية، فعليك بالأساس إنشاء ونشر محتوى تقدم من خلاله نصائح للعناية بالبشرة، نصائح تتضمن الطرق الصحيحة لاستعمال منتجاتك أو استعمالاتها الغير منصوح بها… يمكنك استغلال التريند لصالحك لكن مع الحرص على اختيار الملائم لك لتتمكن من توجيهه ليصير مرتبطا بمجال عملك أو منتجاتك. لأن الهدف الأول والأخير هو تقريب منتجاتك من الجمهور لتحويله لعميل وفي لمنتجاتك.
- احرص على استعمال لغة بسيطة سهلة الفهم بالنسبة لمتابعيك، فالعديد من المجالات بها مصطلحات يصعب فهمها ولو باللغة الأم. وإن كان من الضروري استخدام هذه المصطلحات ارفقها بشرح مبسط ليستوعب القارئ المعلومة كاملة. فالغرض من التسويق بالمحتوى هو تقديم الفائدة للقارئ تديم معلومات تفيده وتحل مشاكله.
- حاول توجيه محتواك ليلائم الأحداث المهمة وجميع فترات السنة. فرضا أننا نفس الشركة التي تبيع منتجات تجميلية، علينا ملاءمة المحتوى لاحتياجات الجمهور، ففي الصيف تظهر مشاكل جلدية غير تلك التي تكون في فصل الشتاء. نفس الأمر بالنسبة للأعياد والمناسبات فيستحسن استغلالها بإنشاء محتوى يلائم ما يحتاجه أو ينفع العميل في هذه المناسبات.
- أخيرا كصانع للمحتوى عليك أن تضع نصب عينيك تفاعل الجمهور، عليك دوما التفكير فيما يدفعهم للتعليق للإعجاب أو لمشاركة المحتوى مع أصدقائهم. كذلك من الجيد من وقت للآخر كسر النمطية والتفكير في أسئلة أو اختبارات أو استطلاعات للرأي لدفعهم للتفاعل مع المنشور.
المهارات والتقنيات اللازمة
نجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى رهين بإتقان كل جزء من هذه الاستراتيجية، انطلاقا من التخطيط وصولا لقنوات وتاريخ النشر. لذلك عليك اتقان بعض المهارات التي ستفيدك في إنجاز هذه المهمات بأفضل الطرق.
- أساس التسويق بالمحتوى هي “الكتابة، الصور، الفيديو”، لذلك عليك إتقان الكتابة باللغة التي يفضلها جمهورك لغويا وإملائيا، عليك كذلك الإلمام ببرامج تعديل الصور وبرامج صناعة الفيديو. لكن بما أن الإلمام بهذه التقنيات في آن واحد ليس سهلا يستحسن توظيف شخص مهمته صناعة المحتوى، لتضمن إنشاء محتوى بجودة عالية، محتوى يلاقي استحسان جمهورك المستهدف.
- تجويد مصادر معلوماتك: تقديم معلومات جديدة ومفيدة بشكل مستمر أمر صعب. لذلك فأنت ملزم بالعثور على مصادر لمعلوماتك، يمكنك الاعتماد على مجلات أو صحف أو مواقع وصفحات أجنبية. يمكنك كذلك الاعتماد ربط علاقات بخبراء ومختصين في مجالك لاستفسارهم أو طلب معلومات منهم أو لمدك بجديد المجال. لكن عليك تحري مصداقية هذه الأخبار والمعلومات كي لا تخاطر بمصداقيتك. فالكثير يقع في فخ نسخ ولسق أخبار ومعلومات مشكوك في صحتها ليتم انتقادها تكذيبها من طرف المتابعين.
- قراءة وفهم الأرقام: سيكون أمامك الكثير من الأرقام والإحصائيات، عليك تنقيحها لاختيار الأنسب لك والتي ستساعدك في اتخاد قراراتك. حُسْن اختيار هذه الاحصائيات وفهمها بشكل جيد سيختصر عليك الكثير من الوقت لاتخاذ قرارات مهمة تحسن من أدائك وتزيد من فعالية استراتيجيتك في التسويق بالمحتوى.
- الإلمام بأساسيات السيو: صناعة المحتوى هي جزء رئيسي في السيو SEO، فكتابة نص يتوافق مع خوارزميات محركات البحث لها شروط وعليك الإلمام بها، انطلاقا من اختيار الكلمات الدلالية وصولا لاختيار العناوين والكلمات الفرعية… هذه المهارة ليست شكلية لأن غالبية استراتيجيات التسويق بالمحتوى ترتكز أيضا على جلب متابعين من خلال محركات البحث.
أخطاء تذمر استراتيجيتك
تجنب الحديث كثيرا عن منتجاتك وخدماتك: موقعك أو صفحاتك رغم أنها باسم علامتك التجارية، فمحتواها لا يجب أن يبقى محصورا على ما تقدمه من منتجاتك. التسويق بالمحتوى يرتكز على تقديم المعلومة القيّمة للزائر، تقديم الإضافة والجديد الذي لا يعرفه عن مجالك. وهذا بالتحديد ما سيمكنك من شده وكسب اهتمامه بمنشوراتك، أما الحديث الدائم عن منتجاتك سيُشعِره بأنه أمام محتوى إعلاني فقط مما سيفقده اهمامه.
الحملات الإعلانية: بالتأكيد يمكنك تحقيق نتائج جيدة في التسويق بالمحتوى بدون تكاليف إضافية، لكن هذا النجاح قد يكون بطيئا جدا وفي بعض المجالات قد يصير صعبا وشبه مستحيل. لذلك من الجيد التفكير في القيام بحملات إعلانية لإيصال محتواك لجمهور أكبر لتوسيع قاعدة عملائك. طبعا هذه الإعلانات لن تكون عشوائية، بل عليك القيام بدراسة مسبقة تحدد من خلالها المنصات الإعلانية الملائمة والمحتويات المناسبة وكذلك تواريخ إطلاق هذه الإعلانات، وذلك لتحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف.
محتوى متوافق مع جميع الأجهزة: تنوع المنصات وأنواع المحتوى يعقد نوعا ما من مهمتك كصانع للمحتوى، الكثير من المشكلات تظهر بسبب قياس الصور مثلا مما يعيق ظهورها بشكل كامل على مختلف المنصات، و أحيانا تظهر فقط بشكل صحيح على أجهزة الهاتف أما الحاسوب أو اللوحات الرقمية فالصورة تظهر مشوهة أو غير كاملة. لذلك عليك الحرص الدائم على التأكد من ظهور محتوياتك بأفضل صورة على جميع المنصات وجميع الأجهزة.
محتوى تافه: من خلال إدارتك للصفحات الاجتماعية تحديدا قد تلاحظ أن المحتوى التافه أو اللاأخلاقي يلاقي تفاعل أكبر وانتشارا أوسع. لكن باعتمادك على هذه النقطة لتوسيع جمهورك فأنت تُفشِل استراتيجيتك في التسويق بالمحتوى. لأن هذه الطريقة ستمكنك من جمع جمهور غير مهتم بما تقدمه من خدمات ومنتجات، وبالتالي فمهما نشرت فيما بعد من معلومات ونصائح مهمة لن تكون ذات جدوى، ولن تمكنك من زيادة مبيعاتك أو عملائك المحتملين.
توقع نتائج خيالية: تطلع نتائج جيدة وجد إيجابية منذ البداية قد يعيق نجاحك، خصوصا مع ضعف ميزانيتك عليك توقع نتائج متواضعة خلال الأشهر الأولى من عملك. فالتطلع لنتائج قوية والاصطدام بواقع آخر قد يضعف رغبتك في الاستمرار في الإنتاج والنشر بالطرق الصحيحة. والاستمرارية شرط أساسي ورئيسي للنجاح في المجال فهي من تمكنك من كسب ثقة الجمهور، لتتمكن فيما بعد بإقناعهم بما تقدمه من خدمات ومنتجات.
دراسات حالة
نستعرض عليكم فيما يلي بعض دراسات الحالة لأكثر تجارب التسويق بالمحتوى نجاحًا، مع استعراض أهم التقنيات المعتمدة للنجاح بأفضل التكاليف.
Capgemini
واجهت شركة الاستشارات Capgemini العديد من المشاكل التسويقية، لكن أبرزها كان هو انخفاض الوعي بالعلامة التجارية، زد على ذلك سمعة مستشاريهم التي كانت بحاجة إلى تعزيز حقيقي. فعلى الرغم من العمل مع بعض أكبر العلامات التجارية في العالم مثل KPMG وDeloitte وAccenture، إلا أن نمو الإيرادات كان بطيئًا مما أدى لتراجع الشركة خلف منافسيها المباشرين.
الاستراتيجية:
بالنسبة لمسؤولي قسم التسويق بشركة كابجيميني كان الحل الأمثل هو تخصيص ميزانيات أكبر للإعلانات، وخصوصا الإعلانات في المطارات وملاعب الجولف أو لما لا رعاية لاعب جولف مشهور. فهذا الخيار هو ما كانت تقوم به الشركات المنافسة وكانت له نتائج جيدة. خصوصا وأن غالبية مسيري الشركات الكبرى مهتمين برياضة الجولف، بذلك فهذه فرصة جيدة لاستهدافهم.
رينا باتيل رئيسة قسم الإعلانات الرقمية وحملات العلامات التجارية، قامت بتجريب هذا النوع من التسويق الباهظ الثمن لكن نتائجه خيبت الآمال. وبدلاً من ذلك، طورت رينا خطة لتسويق المحتوى من شأنها أن تسمح لشركة كابجيميني الوصول إلى جمهورها المستهدف بميزانية أقل بكثير. خطة تجذب بها جمهورها وتجد من خلالها صدى لدى عملائها.
التخلي عن الخطة الأولى وتبني خطة تسويق بالمحتوى جديدة، ورفع سقف التطلعات عاليا من خلال استهداف جذب ما يقرب من مليون زائر جديد للموقع الإلكتروني كان تحديا شديد الخطورة. فتحمل المسؤولية الكاملة عن الإستراتيجية الجديدة، يضع سمعتها وحياتها المهنية كخبيرة تسويقية على المحك.
لكن ذكاء وحنكة رينا تمظهرا بشكل جلي من خلال التركيز في استراتيجيتها على إنشاء محتوى سردي، محتوى تجيب من خلاله على أسئلة وتحديات العملاء الحقيقية من خلال سرد قصص، قصص لعملاء حاليين وكيف تمكنت الشركة من تقديم حلول مميزة لعملائها.
النتائج:
بعد مرور عام من إطلاق هذه الاستراتيجية، حقق الموقع هدف رينا الأولي، وهو جذب ما يقرب من مليون زائر جديد إلى موقع شركة كابجيميني. كما اجتذب أكثر من مليون متابع جديد لصفحة الشركة على المنصة الاجتماعية المهنية LINKEDIN وأكثر من 1.8 مليون مشاركة للمحتوى.
على مستوى المبيعات، ساهمت هذه الإستراتيجية في تحقيق ما يقرب من مليون دولار من المبيعات في عامها الأول، أما في عامها الثاني فقد تخطت كل التوقعات، لتتجاوز 5 ملايين دولار كرقم معاملات. أما الآن فالدراسات تقدر أن تحقق الاستراتيجية التي أطلقتها رينا ما يقرب من 20 مليون دولار سنويًا.
Cleveland Clinic
حقيقة لا يمكن إنكارها هي أنه أحيانا يكون النجاح صدفة، وهو ما حدث تماما مع مستشفى كليفلاند كلينيك. فصدفة مكنته من توجيه مجهوداته للتسويق بالمحتوى لتحقيق أهداف كبيرة بتكاليف بسيطة.
بالنسبة لكليفلاند كلينيك فجهوده مكرسة لقيمته الأساسية: “المرضى أولاً”. إدارة المستشفى، حددت كهدف من أهدافها أن يتبنى جميع طاقمها التمريضي، الذين يزيد عددهم عن 40 ألف موظف هذه القيمة بشكل كامل ويجسدوها في أعمالهم.
ومن أجل ذلك، تم تكليف فريق إعلامي داخلي بإنشاء محتوى مرئي، عبارة عن فيديو هدفه الرئيسي عكس الصورة. بحيث يتم وضع الطاقم التمريضي مكان المرضى أو مرافقيهم. يطرح هذا الفيديو السؤال التالي: “إذا كان بإمكانك أن تضع نفسك مكان شخص آخر، فهل ستعامله بشكل مختلف؟”
تم ذلك من خلال سلسلة من المقاطع العاطفية القصيرة، التي صورت لمجموعة متنوعة من الشخصيات، بما في ذلك فتاة صغيرة تزور والدها للمرة الأخيرة، وامرأة تلقت للتو تشخيصًا مدمرًا…
الفيديو في الأصل مخصصًا للعاملين بالمستشفى، وهو فقط لأغراض تسويقية داخلية، لكن سرعان ما أدرك فريق تسويق المحتوى القيمة المحتملة لنشره للعامة، خصوصا ومع ما يحمله من مشاعر قوية وقصص مؤثرة، وهو ما يعتبر محتوى جذاب وذي قيمة. وبعد استشارة مسؤولي التسويق، قاموا بنشره على العديد من شبكات التواصل الاجتماعي وعلى مدونة كليفلاند كلينك.
النتائج:
على المستوى الداخلي حقق الفيديو نجاحًا كبيرًا، وانتشر بسرعة كبيرة بعد مشاركته على المدونة، وتم تداوله بشكل واسع في مجال الرعاية الصحية. ليحصد بعد ما يفوق 7 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب وحده.
مدونة كليفلاند كلينك هي الأخرى عرفت نموًا هائلاً، وهي الآن تتصدر مدونات المستشفيات الأكثر زيارة في الولايات المتحدة، حيث يتجاوز عدد زوارها ستة ملايين زائر كل شهر. فبعدما ساعدها الفيديو على الوصول لجمهور أكبر واستقطاب متابعين جدد، تم استثمار هذه النتائج من خلال إنتاج محتوى أكثر والإجابة على أسئلة أكثر لشد الجمهور وضمان ولائهم للمدونة.
من خلال هذا المثال ندرك بما لا يدع مجالا للشك أهمية وضرورة جعل جمهورك وعملائكم محور خططك التسويقية. فملامسة مشاعرهم من خلال ما يمسهم سيضمن لك النجاح في جميع خططك التسويقية.
Blendtec
قد تكون مدركا لأهمية ونجاعة التسويق بالمحتوى، قد تسخر له ميزانية محترمة، لكن الأفكار قد تقف عائقا أمامك. فليست جميع المنتجات قد تنال اهتمام الحديث عنها أو تقديم محتوى يخصها ويغري الجمهور بمتابعته.
هذا هو التحدي الذي واجه شركة Blendtec التي تقوم بصناعة وبيع الخلاطات الكهربائية. الحديث عما يخص هذا المنتج من خلال مقالات أو فيديوهات أو صور ليس مغريا وليس جديرا بالمشاهدة.
الإرادة الحقيقية والعزيمة القوية دفعت مالك شركة Blendtec لخطوة مجنونة وغير محسوبة العواقب. لكنه قرر المضي فيها إلى أبعد الحدود وتحمل نتائج هذه الخطوة سواء كانت إيجابية أم سلبية.
فبعد تفكير طويل، قرر خوض تحدي مجنون يتمثل في تجربة قدرة خلاطات الشركة على طحن مواد غريبة. طحن هواتف، قوارير زجاجية، أثواب، منحوتات خشبية… ربما أنت أيضا سبق لك أن شاهدت فيديو من فيديوهاته المجنونة، لأن فكرته مليئة بالإثارة والتشويق والتحدي فقد غزت العالم بسرعة رهيبة.
نجاح فكرته دفع لاستمرار فيها بحيث قام بأكثر من 180 فيديو خلال 12 سنة، هذه السلسلة خلقت ملايين من المتابعين للشركة على مختلف المنصات الاجتماعية ومنصات الفيديو، فحسب آخر الأرقام فمتابعي قناة الشركة على موقع يوتيوب يتجاوز 860 ألف متابع. هذه الأرقام شكلت دفعة قوية لمبيعات الشركة، بحيث كانت السبب الرئيسي في أن تضاعف الشركة رقم معاملاتها السنوي بما يقاب %700.
ما يمكن استخلاصه في هذه حالة Blendtec تحديدا، هو أن المخاطرة تشكل تحديا كبيرا لكن نجاحها سيمكنك من تحقيق أرقام لا يمكن تصديقها بأقل التكاليف وفي أسرع وقت.
المصادر الخارجية: