التسويق بالمحتوى دراسة حالة مفصلة من أبرز وأقوى استراتيجيات التسويق بالمحتوى الناجحة المعتمدة من كبريات الشركات العالمية
التسويق بالمحتوى هو إنشاء ونشر محتوى مرئي أو مسموع تقدم من خلاله معلومات مفيدة لمن هم مهتمين بمجالك، وذلك لتحقيق أهداف تسويقية طويلة الأمد.
لفهم أفضل لهذه الاستراتيجية سنتطرق لأول من اعتمد على التسويق بالمحتوى لتقوية علامته التجارية وزيادة حصصه السوقية بأفضل طريقة ممكنة. فنهاية القرن 19، قررت شركة أمريكية مختصة في صناعة وبيع الجرارات الفلاحية، إنشاء مجلة ليست من أجل التعريف والترويج لمنتجات وخدمات الشركة، بل لتقديم نصائح ومعلومات مفيدة للفلاحين. معلومات مفيدة سواء لزيادة الإنتاجية أو لتقليص التكاليف الزراعية، بل كذلك معلومات تقنية وأخرى مالية موجهة للفلاحين.
بهذه الطريقة تمكنت الشركة من التقرب بشكل أسرع من عملاء محتملين لمنتجاتها، وتقوية علاقتها مع عملائها الحاليين وضمان ولائهم لمنتجات الشركة. فمن جهة تقديم معلومات قيمة ومفيدة يحسن من صورة الشركة بل يقدمها كخبير موثوق يمكن الاعتماد عليه، ومن جهة أخرى النشر المستمر يبقيها دوما أقرب لمن هم مهتمين بمجال عملها.
أما الآن ومع التطور التكنولوجي فأنت لست بحاجة للاستثمار في مجلة أو برامج إذاعية أو تلفزية، بل من خلال الأنترنت يمكنك إنشاء محتوى غير محدود بالعديد من الطرق وأقل الإمكانيات.
يمكنك تقديم معلومات جديدة ومفيدة لجمهورك، تقديم نصائح قيّمة أو أفكار مبتكرة سيجعلك تنال ثقتهم مما يسهل عليك مهمة إقناعهم سواء بخدماتك أو منتجاتك فيما بعد. لكن مع التركيز دوما على محتوى يقدم الإضافة لجمهورك، وليس الاقتصار على محتوى يخص منتجاتك أو شركتك.
وهو ما سنحاول التطرق له في هذه المقالة حول التسويق بالمحتوى دراسة حالة شركات نجحت بشكل مبهر في تحقيق نتائج رهيبة بأفكار بسيطة.
مقالات ذات صلة:
- نموذج استراتيجية التسويق بالمحتوى 2 نماذج احترافية
- أهمية التسويق بالمحتوى لرفع ترتيب موقعك
- الكتابة التسويقية الفعالة في الإقناع وتحويل القارئ لعميل
التسويق بالمحتوى دراسة حالة Capgemini
واجهت شركة الاستشارات Capgemini العديد من المشاكل التسويقية، لكن أبرزها كان هو انخفاض الوعي بالعلامة التجارية، زد على ذلك سمعة مستشاريهم التي كانت بحاجة إلى تعزيز حقيقي. فعلى الرغم من العمل مع بعض أكبر العلامات التجارية في العالم مثل KPMG وDeloitte وAccenture، إلا أن نمو الإيرادات كان بطيئًا مما أدى لتراجع الشركة خلف منافسيها المباشرين.
الاستراتيجية:
بالنسبة لمسؤولي قسم التسويق بشركة كابجيميني كان الحل الأمثل هو تخصيص ميزانيات أكبر للإعلانات، وخصوصا الإعلانات في المطارات وملاعب الجولف أو لما لا رعاية لاعب جولف مشهور. فهذا الخيار هو ما كانت تقوم به الشركات المنافسة وكانت له نتائج جيدة. خصوصا وأن غالبية مسيري الشركات الكبرى مهتمين برياضة الجولف، بذلك فهذه فرصة جيدة لاستهدافهم.
رينا باتيل رئيسة قسم الإعلانات الرقمية وحملات العلامات التجارية، قامت بتجريب هذا النوع من التسويق الباهظ الثمن لكن نتائجه خيبت الآمال. وبدلاً من ذلك، طورت رينا خطة لتسويق المحتوى من شأنها أن تسمح لشركة كابجيميني الوصول إلى جمهورها المستهدف بميزانية أقل بكثير. خطة تجذب بها جمهورها وتجد من خلالها صدى لدى عملائها.
التخلي عن الخطة الأولى وتبني خطة تسويق بالمحتوى جديدة، ورفع سقف التطلعات عاليا من خلال استهداف جذب ما يقرب من مليون زائر جديد للموقع الإلكتروني كان تحديا شديد الخطورة. فتحمل المسؤولية الكاملة عن الإستراتيجية الجديدة، يضع سمعتها وحياتها المهنية كخبيرة تسويقية على المحك.
لكن ذكاء وحنكة رينا تمظهرا بشكل جلي من خلال التركيز في استراتيجيتها على إنشاء محتوى سردي، محتوى تجيب من خلاله على أسئلة وتحديات العملاء الحقيقية من خلال سرد قصص، قصص لعملاء حاليين وكيف تمكنت الشركة من تقديم حلول مميزة لعملائها.
النتائج:
بعد مرور عام من إطلاق هذه الاستراتيجية، حقق الموقع هدف رينا الأولي، وهو جذب ما يقرب من مليون زائر جديد إلى موقع شركة كابجيميني. كما اجتذب أكثر من مليون متابع جديد لصفحة الشركة على المنصة الاجتماعية المهنية LINKEDIN وأكثر من 1.8 مليون مشاركة للمحتوى.
على مستوى المبيعات، ساهمت هذه الإستراتيجية في تحقيق ما يقرب من مليون دولار من المبيعات في عامها الأول، أما في عامها الثاني فقد تخطت كل التوقعات، لتتجاوز 5 ملايين دولار كرقم معاملات. أما الآن فالدراسات تقدر أن تحقق الاستراتيجية التي أطلقتها رينا ما يقرب من 20 مليون دولار سنويًا.
التسويق بالمحتوى دراسة حالة Cleveland Clinic
حقيقة لا يمكن إنكارها هي أنه أحيانا يكون النجاح صدفة، وهو ما حدث تماما مع مستشفى كليفلاند كلينيك. فصدفة مكنته من توجيه مجهوداته للتسويق بالمحتوى لتحقيق أهداف كبيرة بتكاليف بسيطة.
بالنسبة لكليفلاند كلينيك فجهوده مكرسة لقيمته الأساسية: “المرضى أولاً”. إدارة المستشفى، حددت كهدف من أهدافها أن يتبنى جميع طاقمها التمريضي، الذين يزيد عددهم عن 40 ألف موظف هذه القيمة بشكل كامل ويجسدوها في أعمالهم.
ومن أجل ذلك، تم تكليف فريق إعلامي داخلي بإنشاء محتوى مرئي، عبارة عن فيديو هدفه الرئيسي عكس الصورة. بحيث يتم وضع الطاقم التمريضي مكان المرضى أو مرافقيهم. يطرح هذا الفيديو السؤال التالي: “إذا كان بإمكانك أن تضع نفسك مكان شخص آخر، فهل ستعامله بشكل مختلف؟”
تم ذلك من خلال سلسلة من المقاطع العاطفية القصيرة، التي صورت لمجموعة متنوعة من الشخصيات، بما في ذلك فتاة صغيرة تزور والدها للمرة الأخيرة، وامرأة تلقت للتو تشخيصًا مدمرًا…
الفيديو في الأصل مخصصًا للعاملين بالمستشفى، وهو فقط لأغراض تسويقية داخلية، لكن سرعان ما أدرك فريق تسويق المحتوى القيمة المحتملة لنشره للعامة، خصوصا ومع ما يحمله من مشاعر قوية وقصص مؤثرة، وهو ما يعتبر محتوى جذاب وذي قيمة. وبعد استشارة مسؤولي التسويق، قاموا بنشره على العديد من شبكات التواصل الاجتماعي وعلى مدونة كليفلاند كلينك.
النتائج:
على المستوى الداخلي حقق الفيديو نجاحًا كبيرًا، وانتشر بسرعة كبيرة بعد مشاركته على المدونة، وتم تداوله بشكل واسع في مجال الرعاية الصحية. ليحصد بعد ما يفوق 7 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب وحده.
مدونة كليفلاند كلينك هي الأخرى عرفت نموًا هائلاً، وهي الآن تتصدر مدونات المستشفيات الأكثر زيارة في الولايات المتحدة، حيث يتجاوز عدد زوارها ستة ملايين زائر كل شهر. فبعدما ساعدها الفيديو على الوصول لجمهور أكبر واستقطاب متابعين جدد، تم استثمار هذه النتائج من خلال إنتاج محتوى أكثر والإجابة على أسئلة أكثر لشد الجمهور وضمان ولائهم للمدونة.
من خلال التسويق بالمحتوى دراسة حالة Cleveland Clinic ندرك بما لا يدع مجالا للشك أهمية وضرورة جعل جمهورك وعملائكم محور خططك التسويقية. فملامسة مشاعرهم من خلال ما يمسهم سيضمن لك النجاح في جميع خططك التسويقية.
التسويق بالمحتوى دراسة حالة Blendtec
قد تكون مدركا لأهمية ونجاعة التسويق بالمحتوى، قد تسخر له ميزانية محترمة، لكن الأفكار قد تقف عائقا أمامك. فليست جميع المنتجات قد تنال اهتمام الحديث عنها أو تقديم محتوى يخصها ويغري الجمهور بمتابعته.
هذا هو التحدي الذي واجه شركة Blendtec التي تقوم بصناعة وبيع الخلاطات الكهربائية. الحديث عما يخص هذا المنتج من خلال مقالات أو فيديوهات أو صور ليس مغريا وليس جديرا بالمشاهدة.
لكن الإرادة الحقيقية والعزيمة القوية دفعت مالك شركة Blendtec لخطوة مجنونة وغير محسوبة العواقب. لكنه قرر المضي فيها إلى أبعد الحدود وتحمل نتائج هذه الخطوة سواء كانت إيجابية أم سلبية. ليعطي للجميع درسا لا ينسى في التسويق بالمحتوى دراسة حالة تدرس لسنوات.
فبعد تفكير طويل، قرر خوض تحدي مجنون يتمثل في تجربة قدرة خلاطات الشركة على طحن مواد غريبة. طحن هواتف، قوارير زجاجية، أثواب، منحوتات خشبية… ربما أنت أيضا سبق لك أن شاهدت فيديو من فيديوهاته المجنونة، لأن فكرته مليئة بالإثارة والتشويق والتحدي فقد غزت العالم بسرعة رهيبة.
نجاح فكرته دفع لاستمرار فيها بحيث قام بأكثر من 180 فيديو خلال 12 سنة، هذه السلسلة خلقت ملايين من المتابعين للشركة على مختلف المنصات الاجتماعية ومنصات الفيديو، فحسب آخر الأرقام فمتابعي قناة الشركة على موقع يوتيوب يتجاوز 860 ألف متابع. هذه الأرقام شكلت دفعة قوية لمبيعات الشركة، بحيث كانت السبب الرئيسي في أن تضاعف الشركة رقم معاملاتها السنوي بما يقاب %700.
ما يمكن استخلاصه في هذه حالة Blendtec تحديدا، هو أن المخاطرة تشكل تحديا كبيرا لكن نجاحها سيمكنك من تحقيق أرقام لا يمكن تصديقها بأقل التكاليف وفي أسرع وقت.
المصادر الخارجية: